حكم الربح من التطبيقات

ما حكم الربح من التطبيقات؟ وما ضابط الشرع في ذلك؟ حيث توجد كثير من المسائل المعاصرة والتي يحتاج الناس لعلم رأي الشرع فيها، حرصًا على الكسب الحلال، واتقاءً للشبهات، ونظرًا للتقدم التكنولوجي الذي يشهده العالم.. شاع كثيرًا التربح عبر التطبيقات بصور مختلفة، لذا نوافيكم بموقف الشريعة من هذا الربح عبر موقع صُناع المال.

حكم الربح من التطبيقات

لا يمكن الجذب بحكم واحد للأرباح التي يحققها المرء عبر الإنترنت، ذلك أنها قد تكون حلالًا أحيانًا، أو تكون حرامًا في حالات معينة، يرجع ذلك لاختلاف كيفية جني المال أو الوسيلة الحاصل بها الربح، وفي ذلك تفصيل.

أولًا: حكم الربح عبر إعلانات مقاطع الفيديو

تلك واحدة من صور الربح من التطبيقات أمثلة اليوتيوب، فإذا قام المرء برفع مقاطع الفيديوهات لأجل الانتفاع من الإعلانات التي تشملها والحصول على الأرباح ففي ذلك نظر..

فإذا كانت تلك المقاطع التي يرفعها لا تحتوي على أمر محرم، ولم تكن كذلك مسروقة، فإن الربح من خلال الإعلانات التي تظهر فيها يكون أمرًا مباحًا.

أما إن اشتملت تلك الإعلانات على صورة فيها تبرج أو نحو ذلك مع كون تلك الإعلانات عن شيء مباح فلا يضر ذلك؛ لأنه يصعب التحرز من ذلك، فهو من الأمور التي تعم بها البلوى.

كما أن تلك الصورة غير مقصودة من الإعلان، لذا جاز الربح منها، بيد أنه على الناظر أن يغض بصره عن مثل تلك الصور.

أما لو كانت بعض تلك الإعلانات عن أمر محرم مثل الإعلان عن خمر أو ما فيه ربا وما نحو ذلك.. فإنه لا يجوز كسب المال من خلالها، بل يكون مالًا خبيثًا محرمًا.

فإذا تمكن المرء من العلم بقدر هذا المال الخبيث، يمكنه التخلص منه بدفعه للمساكين والفقراء، وإن لم يعلم بقدره فليجتهد في ذلك ويخرج من المال ما يغلب على ظنه أنه مال خبيث، من أجل براءة ذمته.

فإذا كان فقيرًا لا يجد ما يصرف به على نفسه وأولاده إلا هذا المال.. فإنه يجوز له الانتفاع به لنفسه، حيث يقول الإمام النووي في ذلك:

وإذا دفعه إلى الفقير، لا يكون حرامًا على الفقير، بل يكون حلالًا طيبًا، وله أن يتصدق به على نفسه، وعياله، إن كان فقيرًا؛ لأن عياله إذا كانوا فقراء، فالوصف موجود فيهم؛ بل هم أولى من يتصدق عليه، وله هو أن يأخذ قدر حاجته؛ لأنه أيضًا فقير.”

علاوة على ذلك.. فإنه لأجل جواز أخذ المال من الإعلانات على مقاطع الفيديو الخاصة بك، فلا بُد من توافر عدة أمور:

  • كون الجُعل معلومًا: بأن يقول من حصل على عدد كذا من المشاهد في عدد كذا من الساعات، فإنه يحصل على مبلغ مالي قدره كذا؛ لأنها تُقاس على بيع الجُعالة، ويشترط فيه كون الجعل معلومًا، فإن كان مجهولًا لم يجز، وكانت الجعالة فاسدة.
  • كون الاشتراك مع الشركة على الربح مجانًا.
  • أن تكون الإعلانات مباحة لا تشتمل على دعاية محرمة، أو أمر محرم، فإن اشتملت على أي منها لم يجز أخذ الربح منها.

ذلك لقول الله عز وجل: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ” (المائدة: 2)

كما يقول النبي صلى الله عليه وسلم: مَن دَعا إلى هُدًى، كانَ له مِنَ الأجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَن تَبِعَهُ، لا يَنْقُصُ ذلكَ مِن أُجُورِهِمْ شيئًا، ومَن دَعا إلى ضَلالَةٍ، كانَ عليه مِنَ الإثْمِ مِثْلُ آثامِ مَن تَبِعَهُ، لا يَنْقُصُ ذلكَ مِن آثامِهِمْ شيئًا.

اقرأ أيضًا: هل الربح من مشاهدة الإعلانات حلال

ثانيًا: الربح من المقاطع المحمية

في ضوء بيان حكم الربح من التطبيقات نبين حكم الشرع من الكسب عبر المقاطع المحمية، فإنه لا يجوز رفع المقاطع المحمية دون إذن أصحابها وإن تسبب ذلك في فوات منفعة أو قيمة لهم، فإن عليه قيمة ما فوته عليهم، ويلجأ في هذا لتقدير أهل الخبرة، فإن تعذر عليه ذلك، اجتهد في تقدير القيمة بنفسه.

كما أنه يتعين عليه الكف عن عرض المقاطع المحمية، ويتوب عن ذلك.

أما الربح من الإعلانات التي تعرض على موقعك سواء محمية أو غير محمية فإنه لا حرج فيها ما دامت في إطار ضابط الشرع الذي حدده، ولم تخل بأي شرط من شروط الجواز.

ثالثًا: الربح من خلال مشاهدة الفيديوهات

توجد كثير من التطبيقات تمكن مستخدميها من الحصول على الأرباح مقابل مشاهدة مقاطع الفيديو.. نُبيّنها استكمالًات لبيان حكم الربح من التطبيقات، فإنه لا يخلو الربح بتلك الطريقة من أمرين:

1- الربح من مشاهدة الفيديوهات عبر السحب

في تلك الطريقة يقوم الشخص بمشاهدة المقاطع المتوفرة على الموقع من ثم يقوم بسحب رقمًا عشوائيًا قد يربح من خلاله أو لا يربح.

بيد أنه لا حرج شرعًا في الربح عن طريق مشاهدة الفيديوهات ما دامت مباحة، ولم تشتمل على المحاذير الشرعية، وكانت الأجر معلوم، وكذا طريقة الكسب معلومة.

أما طبيعة تلك الفيديوهات ففيها من الغرر ما يمنع جوازها، فإن كسب المال فيها يتوقف على السحب، من ثم قد ينال ثمن مشاهدته وقد لا ينالها، فكان أشبه بالقمار، وبيع الغرر، وكلاهما محرم، لذا لم يجز، علاوة على ذلك فإن أجر المُشاهِد في خطر.

حيث يقول بعض العلماء: أن بيع الغرر: هو البيع الذي يتضمن خطرًا يلحق أحد المتعاقدين، فيؤدي إلى ضياع ماله.

2- الربح من مشاهدة الفيديوهات دون سحب

فإنها من الأمور الجائزة إن توافرت فيها كافة الضوابط الأخرى، شريطة كون تلك الفيديوهات التي يشاهدها خالية من الصور المحرمة أو الموسيقى.

كما يشترط كون العمولة التي يأخذها مقابل مشاهدة تلك الفيديوهات معلومة، فإن تحققت تلك الشروط لم يكن هناك مانعًا من أخذ الربح العائد من ذلك لكون الجُعل معلومًا هنا.

في ذلك يقول جمهور الفقهاء: يشترط لصحة عقد الجعالة أن يكون الجعل مالا معلوما، جنسا وقدرا؛ لأن جهالة العوض تفوت المقصود من عقد الجعالة، إذ لا يكاد أحد يرغب في العمل مع جهله بالجعل، هذا فضلا عن أنه لا حاجة لجهالته في العقد، بخلاف العمل والعامل؛ حيث تغتفر جهالتهما للحاجة إلى ذلك.

اقرأ أيضًا: هل الربح من الانستقرام حلال

رابعًا: الربح من التطبيقات عبر دعوة الأخرين

بعض التطبيقات تمكن الشخص من الحصول على الأرباح مقابل دعوة أكبر عدد من الأصدقاء، في تلك الحالة إذا كان الأجر معلومًا، ولم يترتب على ذلك دفع رسوم للاشتراك ونحوها من أمور، فلا حرج في ذلك.

أما إن أما لو قمت بدفع رسوم من أجل الاشتراك ودعوت الآخرين مقابل الربح، فإن ذلك يعد تسويقًا محرمًا.

خامسًا: حكم الربح من تطبيقات المشي

بعض التطبيقات تمكن مستخدميها من الحصول على مكافأة أو عملات رقمية أو نقاطًا مقابل المشي، ولا تخلو تلك التطبيقات من حالتين:

1- اشتراط دفع اشتراك

فإذا اشترط التطبيق دفع اشتراك أو مبلغ مالي من أجل التمكن من سحب المكافآت، فإن الاشتراك في مثل تلك البرامج من الأمور المحرمة.

ذلك أنها تدخل في المسير ولما فيها من الغرر المحرم، في ذلك يقول الله عز وجل: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ(سورة المائدة: 90 -91)

كما يقول الشيخ ابن عثيمين: فهذا الميسر – وهو كل معاملة دائرة بين الغرم والغنم – لا يُدرى فيها المعامل هل يكون غانما أو يكون غارما، كله محرم بل هو من كبائر الذنوب، ولا يخفى على الإنسان قبحه إذا رأى أن الله تعالى قرنه بعبادة الأصنام وبالخمر والأزلام

2- عدم اشتراط الاشتراك فيها

في تلك الحالة فالأصل جواز أخذ الربح الحاصل من تلك التطبيقات، على أن تكون المكافأة بمثابة هبة مشروطة، بيد أن خطورة تلك التطبيقات في كونها تنفذ بطارية الهاتف، كما أنها لكونها تعمل على الدوام في خلفية الهاتف فإنها قد تستعمل للتجسس.

كما أن تلك التطبيقات تربح من خلال الإعلانات التي تشملها، وتلك الإعلانات قد تكون مباحة أو تكون غير مباحة.

لذا.. من الأحرى تجنب تلك التطبيقات نهائيًا، وذلك لكون النوع الأول منها محرمًا ظاهر التحريم، وكون النوع الثاني منها ضار متلف للمال، وغير مضمون.

سادسًا: حكم الربح من تنزيل التطبيقات

بعض المواقع تُمكن مستخدميها من الحصول على الأرباح مقابل التطبيقات التي يقومون بتنزيلها، واستكمالًا لبيان حكم الربح من التطبيقات.. يمكن القول إن الأمر يتوقف على طبيعة تلك التطبيقات.

فإذا كانت تلك التطبيقات لا تشتمل على أيٍ من المحاذير الشرعية، فإنه يجوز الانتفاع منها عن طريق تنزيلها مقابل المال.

أما لو اشتملت تلك التطبيقات على محذور شرعي.. فإنه لا يجوز الربح من خلالها، ولا يجوز كذلك تنزيلها أو الانتفاع منها بأي شكل.

اقرأ أيضًا: ما هي قائمة الأسهم الحلال من موقع يقين؟

سابعًا: الربح عبر المسابقات وجلب المشتركين

توجد كثير من صور الربح عبر الإنترنت بواسطة التطبيقات، منها الربح من خلال تصفح الإعلانات، وكذا عبر المسابقات، وجلب المشتركين، لذا نوافيكم ببيان حكم الشرع فيها، استكمالا لبيان حكم الربح من التطبيقات.

فالربح الحاصل من مواقع الإنترنت وتطبيقات الهاتف بشكل عام قد تكون حلاًلا وقد تكون غير ذلك، فأما الحصول على ربح أو عمولة عبر جلب المشتركين للبرامج والتطبيقات المختلفة.

كذا الحصول على الربح عبر المسابقات التي تقام على مختلف التطبيقات، فإنها أمر جائز شرعًا، ما لم يقم الشخص بالاشتراك ودفع مبلغ مادي لأجل الحصول على هذا الربح، وما دامت تلك الأمر خلت من المحظورات الشرعية.

من ثم كان كسبًا حلالًا مشروعًا جاز الانتفاع به، أو التصدق به، وغيرها من الأمور، أما لو كان الربح عبر الاشتراك أوم كان من خلال تطبيقات تحتوي على أمر محرم فإنه لا يجوز الكسب من خلالها، أو الانتفاع بها بأي شكل كان.

لم يجزم الشرع بحكم ثابت في الربح من التطبيقات عبر الإنترنت، ذلك أن الأمر راجع للمحتوى الذي يجلب منه الربح، وطريقة الربح، وغيرها من الأمور، فإن كانت حلالًا كان الكسب مشروعًا، وإلا فلا.

قد يعجبك أيضًا
التعليقات

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.