أهمية الزراعة في الوطن العربي

إن أهمية الزراعة في الوطن العربي بالغة، فالقطاع الزراعي من أكثر الحرف التي تتميز بالانتشار والتوسع كواحد ضمن أهم وأبرز القطاعات الأولية للاقتصاد المحلي في أي دولة، وللزراعة عدة فوائد تتجلى معظمها في إفادة المواطنين، فالزراعة هي أساس الصناعة، لذا من خلال موقع صناع المال سنتحدث عن أهمية الزراعة في الوطن العربي.

أهمية الزراعة في الوطن العربي

أهمية الزراعة في الوطن العربي

ارتبطت الزراعة ببداية الخليقة، فأول ما ذهبت إليه الفطرة الإنسانية هو الاستقرار من خلال الاعتماد على الزراعة، فكان نهر النيل وتوافر المياه والتربة الخصبة سببًا في استقرار الإنسان على الأراضي الزراعية، وجعلها حرفة أساسية له.

إن أهمية الزراعة بالنسبة للدول بشكل عام وليس فقط الدول العربية، تبرز خاصة عند اعتماد تلك الدولة بشكل أساسي على القطاع الزراعي، كما أشرنا سلفًا اعتماد مصر على القطن المميز المصري لرواج اقتصادها، ففي مثل هذه الحالة لا يمكن للدولة أن تستغنى عن العمل بالزراعة.

كما تظهر أهمية الزراعة بالنسبة للدولة بناء على مؤشر هام وهو حجم العمالة التي تقوم باستيعابها، وهذا المؤشر الذي يختلف بالضرورة من دولة لأخرى، حسب التقدم العلمي في الزراعة واستخدام الآلات الحديثة فيها، فالقطاع الزراعي إن كان يوفر العديد من فرص العمل يصبح هامًا بالنسبة للدولة من الناحية الاقتصادية والاجتماعية.

هكذا اعتمدت الدول العربية منذ قديم وجودها على الزراعة بشكل أساسي، بل وتميزت فيها أيضًا، وظهر ذلك في الاعتماد على صادرات العرب في أهم المحاصيل الزراعية لاسيما الاستراتيجية كالقطن من مصر مثلًا.

حتى مع الثورة الصناعية وزيادة الاهتمام بالقطاعات الاقتصادية الأخرى كالتعدين وغيرها، لا يمكن التركيز فقط على التنمية الصناعية على حساب التنمية الزراعية، فالزراعة تظل دائمًا هي الأساس.

إن الزراعة تساهم بقدر لا يُستهان به في الإنتاج المحلي الإجمالي للدول، مما يعود بالضرورة على زيادة الدخل القومي، وبناءً عليه يزداد نصيب الفرد منه، فتتحسن مستويات المعيشة ويعم الرخاء الاقتصادي.

لذلك فالزراعة نفسها إلى جانب القطاعات الأخرى، تعمل على ازدهار الدولة، لذا فإن أي دولة تعتمد على الزراعة ولكن نجدها مصنفة كدولة متأخرة أو متخلفة اقتصاديًا، فهي تكون بالضرورة غير واعية للاستخدام الصحيح للزراعة، فلا تستطيع الاستفادة الكاملة من الموارد وبالتالي لا يمكنها تحقيق العائد المنشود أو حتى مجرد الاكتفاء الذاتي، كما الحال في بعض الدول العربية.

اقرأ أيضًا: أشهر المحاصيل الزراعية في الوطن العربي

القطاع الزراعي في الوطن العربي

تتجلى حكمة الخالق في اعتماد كل الكائنات العضوية على بعضها البعض حتى تسير أمور الحياة، فهو شكل من أشكال تقسيم العمل عندما يعتمد الجنس البشري على الكائنات الأخرى من نباتات وحيوانات حتى يستطيع العيش، ويحافظ على بقائه.

ففي الزراعة يكون التكامل باستخدام العنصر البشري للأدوات التي تمكنه من الزراعة، من خلال الاستعانة بما أتاحه الله أمامه من موارد طبيعية منها الحيواني ومنها النباتي، وفي الزراعة إعمار الأرض وازدهارها.

إن القطاع الزراعي ينتج نوعين من السلع لا يقل أحدهما أهمية عن الآخر، فهناك السلع الغذائية الأساسية التي لا غنى عنها كمتطلب أساسي للاحتياجات البشرية، مثل الحبوب الأساسية كالقمح والأرز والذرة، بالإضافة إلى السلع الأولية وهي المواد الخام التي تدعم القطاع الصناعي لإنتاج المنتجات التي يستخدمها الناس بكافة أشكالها، وتتنوع فمنها القطن وقصب السكر والزيوت وغيرها.

علاوةً على تقسيم مثل هذه السلع إلى ما هو حيوي وما هو ثانوي، فالسلع الاستراتيجية الحيوية من الممكن أن تستخدمها الدولة سلاحًا لها ذو أهمية، (سلاح التجويع) على سبيل المثال، كذلك القطن المصري في وقت من الأوقات كان سلعة استراتيجية يعتمد عليها النمو الاقتصادي للدولة بشكل كبير.

رغم محاولات إيجاد بعض المنتجات الصناعية كبديل عن أنواع من المواد الطبيعية الزراعية، إلا أنها لا تكون بذات التركيب العضوي وفوائده الخاصة بالمواد الخام الطبيعية، فمثلًا لا يُغني المطاط الصناعي عن المطاط الطبيعي، كما لا يُغني البلاستيك عن منافسيه من المعادن والأخشاب الطبيعية، وبالتالي يكون الغذاء الناتج عن الزراعة والإنتاج الحيواني أفضل بكثير من أي مركبات أطعمة صناعية.

بما أن المنتجات الزراعية مهمة بالنسبة لتحقيق اكتفاء سكانها محليًا من الغذاء والاستهلاك، فإنها أيضًا تسهم بنسبة ليست بالقليلة في التجارة الدولية، مما يؤدي لزيادة العائد الربحي للدولة، تلك النسبة التي تختلف من دولة لأخرى، فنجدها في دول معينة تصل لنسب عالية تتراوح من ٨٠٪ إلى ٩٠٪، مقارنة بنسبة قليلة ١٠٪ عند بعض الدول الأخرى.

الزراعة والأمن الغذائي

على الدول العربية أن تعمل على تطوير القطاع الزراعي فيها، من خلال تحقيق الأمن الغذائي لمواطنيها، الذي يتأتى من خلال توفير المنتجات الزراعية التي تمنع الدولة من الاعتماد على الخارج والتبعية الغذائية له، فالتبعية الغذائية مشكلة خطيرة وهي صورة من صور التبعية الاقتصادية التي تجعل من الدول العربية دولًا أقل تقدمًا من العالم الرأسمالي.

إن الزراعة تساعد على توفير الأمن الاقتصادي للدولة، لذلك تعتمد عليها الدول العربية لتحقيق الأمن الغذائي لشعوبها، من خلال تحقيق الاكتفاء الذاتي.

توفر الزراعة الغذاء لكل المجتمعات بأسعار معتدلة حسب كل دولة، وبالتالي الدولة العربية التي تشعر أنها تعيش بسلام هي التي يأكل شعبها من زرع أرضها.

اقرأ أيضًا: وقت زراعة الأشجار المثمرة

فوائد الاهتمام بالزراعة للدول العربية

إذا تحدثنا عن أهمية الزراعة في الوطن العربي، وجب علينا الإشارة أنها هي الحضارة الأولى التي أدركها الإنسان، والتي ساعدته على تحقيق التطور والرقيّ بنفسه وبيئته في شتى المجالات، وهذا الأمر لا يقتصر على الدول العربية فحسب، فذلك في العالم بأسره فهي أساس ظهور العديد من الحضارات المختلفة على مر العصور.

كما أننا نفيد الحيوانات من خلال الزراعة، فنوفر لهم الأعلاف التي نزرعها حتى يتغذون عليها، ومن ثم يكون استثمارنا هذا في القطاع الحيواني من أفضل أنواع الاستثمارات المعتمدة على الزراعة.

تساعد حرفة الزراعة على توازن ميزان المدفوعات الخاص بالدولة، عن طريق الصادرات الزراعية التي من الممكن أن تصدرها الدولة فتجني منها أموالًا بالعملات الأجنبية، فيحدث توازن في ميزانية الدولة إن لم يحدث فائض أيضًا جراء ذلك.

فضلًا عن كل هذه الفوائد الخاصة بالزراعة، فإنه من أهمية الزراعة في الوطن العربي أن المزروعات تساعد على حماية البيئة من الملوثات، فهي أهم مصدر للأكسجين.

كما أن المسطحات التي يتم زرعها تعمل على التقليل من الرطوبة، وبالتالي تحد من الارتفاع في درجات الحرارة، إلى جانب الحد من الرياح الشديدة وتجريف التربة.

أهمية الزراعة في الإسلام

في إطار حديثنا عن أهمية الزراعة في الوطن العربي، نشير أن الدول العربية أغلبها من المسلمين، لذلك هم حريصون على الزراعة ويهتمون بها ويدركون الفوائد الناجمة عنها.

إن الدين الإسلامي يحث على عمارة الأرض، ومجرد غرس شجرة تنفع الناس هو شكل من أشكال عمارة الأرض، كما أن ديننا الإسلامي اعتبر أن الزراعة من فروض الكفاية، التي نعني بها إذا فعلها بعض من المسلمين تسقط عن البعض الآخر، فهي ليست كفروض الصلاة والصيام الواجبة على كل المسلمين بشكل منفرد، لكنها يُفرض فعلها بشكل عام إذا كان ذلك في وسع الدولة ومقدورها المادي والبشري.

ننظر إلى قول الله تعالى في المعنى الضمني بالحث على ضرورة الزراعة وأهميتها، فقد قال الله تعالى في سورة يس: “وَآيَةٌ لَّهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ” (الآية 33).

كما حثنا الرسول الكريم على ضرورة الزراعة، في قوله صلى الله عليه وسلم: “ما مِن مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ منه طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ، إِلَّا كانَ له به صَدَقَةٌ” (صحيح البخاري).

لم يقم المسلمون قط بإهمال الزراعة، حتى في ظل الانشغال بالفتوحات الإسلامية أو أمور الدولة الأخرى من الأمن والصناعة والعمارة، إلا أنهم ظلوا مهتمين بإصلاح شبكات الري والقناطر وتحسين الغلال، حتى تزدهر الزراعة التي هي أساس ازدهار كافة القطاعات.

أهم المحاصيل الزراعية في الوطن العربي

إن دور الزراعة في اقتصادات منطقة الوطن العربي بشكل خاص، والشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشكل عام، محدود في الوقت الحاضر، لكن مساهمتها في التوظيف لا تزال كبيرة.

استكمالًا للحديث عن أهمية الزراعة في الوطن العربي، نشير إلى المحاصيل التي تتميز بها الدول العربية في الإنتاج والتصدير، فمن المحاصيل ما هو استراتيجي يساعد الدولة في الحصول على قيمة نقدية مرتفعة، حيث يكثر إنتاج الحبوب الغذائية في الدول العربية، كالقمح والأرز والذرة بأنواعها، ومن الدول التي تمتلك النسبة الأكبر من الإنتاج (المغرب العربي، مصر، العراق، سوريا)، فتتنوع بذلك الحبوب بين المحاصيل الشتوية والصيفية.

علاوةً على وجود محاصيل أخرى مثل: (قصب السكر، الزيتون، الكروم، الحمضيات، الفاكهة بأنواعها والأشجار المثمرة، الغلات كالقطن والتبغ والبن)، لكن على الرغم من زيادة قيم غلة المحاصيل تدريجياً خلال العقود القليلة الماضية، لا تزال الدول العربية غير قادرة على إطعام نفسها باستخدام مواردها المائية المحدودة، وهي مستوردة صافية للإمدادات الغذائية.

اقرأ أيضًا: أفضل تربة للزراعة

إجراءات تساعد على تحسين الزراعة

بعد الحديث عن مدى أهمية الزراعة في الوطن العربي، وجب علينا الإشارة إلى الآليات التي يتم اتخاذها لتحسين المستوى الزراعي، فتوجد عدة مؤسسات ومنظمات دولية تعمل على توفير المنتجات الزراعية للعديد من الدول العربية لاسيما الفقير منها، حتى تحقق هذه الدول أمنها الغذائي بهدف استقرار أمنها القومي، وذلك يتم من خلال عدة طرق منها:

  • معرفة الجوانب والأبعاد السياسية والاجتماعية والاقتصادية للدولة التي تجعل منها عاجزة في توفير المنتجات الزراعية الهامة لمواطنيها، والعمل على وضع حلول للمشكلات.
  • الاهتمام بالتوزيع العادل بين البلاد العربية النامية في مسألة الغذاء الآمن، والمساواة في الحصول على البرامج الدورية والدعم للتشجيع على تحسين القطاع الزراعي، وبهدف استصلاح الأراضي حتى يتم الاستفادة منها قدر الإمكان.
  • الحد من التوسع العمراني على حساب الأراضي الزراعية، حتى لا تتقلص مساحات الأراضي المزروعة، وبالتالي لا يجب أن يتعدى قطاع على الآخر.
  • العمل على تشجيع أصحاب الشهادات العليا والمهندسين الزراعيين المتخصصين في إدارة المزارع، فهم الأجدر في تنشيط الزراعة في الدول العربية لما لهم من خبرة واسعة ومهارة عالية.
  • كما يتطلب الأمر وجود العلماء المتخصصين في التربة وفحصها واكتشاف الأراضي الزراعية الجديدة، ووضع حلول للآفات والمشكلات التي يتعرض لها القطاع الزراعي، لضمان جودة المنتجات وتنشيط الزراعة.

ضرورة القيام بالتعداد الزراعي

قامت وزارة الزراعة في العديد من الدول العربية بعدة إجراءات حتى تقوم بتحسين المستوى الزراعي، واستخدام أحدث الوسائل للتكنولوجيا الزراعية، من أجل تعظيم القيمة المضافة، الأمر الذي ينتج عنه تعظيم فرص العمل، علاوةً على جذب الاستثمارات في القطاع الزراعي، وذلك كله لما يشكله القطاع الزراعي من أهمية في الاقتصاد القومي.

في إطار الحفاظ على أهمية الزراعة في الوطن العربي، تعد التعدادات الزراعية الوطنية ضرورية للحكومات لتنفيذ سياسات قائمة على الأدلة لتعزيز التنمية الزراعية والريفية، وضمان الوصول إلى الأراضي، وتحسين الأمن الغذائي وتقليل الآثار البيئية الضارة للأنشطة الزراعية، كما تعد ضرورية أيضًا للقطاع الخاص لاتخاذ قرارات مستنيرة توجه استثماراتهم في أنشطة الأعمال الزراعية.

فمن خلال التعدادات الزراعية، نفهم سبب اتخاذ المزارعين لقرارات معينة، وكذلك الميزة النسبية لمحاصيل معينة أو الثروة الحيوانية للأسواق، علاوةً على فهم كيفية استخدام الأراضي وكيف تتقدم الإنتاجية الزراعية، كما تتاح معلومات أساسية عن التأثيرات البيئية للزراعة وتغير المناخ، كما يسمح لنا التعداد الزراعي بمراقبة بعض أهداف التنمية المستدامة.

اقرأ أيضًا: ما هي الدول العربية المنتجة للخضروات بالترتيب؟

رغم أن الإنتاج الزراعي يتحسن في العديد من الدول العربية، إلا أنه لم يصل بعد إلى مستوى الإشباع أو الاكتفاء، فهناك فجوة ما زالت تعاني منها بعض الدول العربية، فبعد أن تناولنا مدى أهمية الزراعة في الوطن العربي يجب على الحكومات أن تسعى لوضع آليات للحفاظ على هذه الأهمية.

قد يعجبك أيضًا
التعليقات

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.